في الحقيقة يا إخوتي – حسب فكر الكنيسة وتقليدها - ليس كل كاهن بالضرورة يصير أب أعتراف ، فليس كل كاهن عنده موهبة الإرشاد أو قادر على توجيه النفوس أو معرفة الداء والدواء ، ولكن كل من يكون له موهبة أبوة من الله يقدر أن يكون كاهن ومرشد للنفوس ...
وكان فيما سبق – حسب تقليد الكنيسة – أن لا يسند حق مباشرة تقبل الاعتراف لكل كاهن ، وإنما لمن تتوفر فيه هذه الأهلية فقط ، حيث يُصدر له أسقف الإبراشية هذه المسئولية بأن يصرح بأن يقوم بها ، إذ ليس من الضرورة أن كل كاهن يصبح أب اعتراف ، وليس كبر السن وحده مؤهل لأب الاعتراف ، بل الخبرة والدراية الروحية والمعرفة العميقة للكتاب المقدس والتقليد الآبائي الأصيل ، وخبرة حياة الصلاة والتمرس في الحرب الروحية ، وتلقف نور الله في الذهن والقلب والنفس ...
ويذكر ابن العسال في القرن 13 عن شروط أب الاعتراف قائلاً :
+ أن يكون كاهن
+ أن يأمره بطريركه أو أسقفه بقبول الاعتراف
+ أن يكون له نشاط وقدرة على الصوم عن من يقبل اعترافاتهم ، وطلب الغفران عنهم ليلاً ونهاراً ، وفي كل قداس .
+ أن يكون كامل الخدمة في طب النفوس ، وحفظ صحتها ، ومعالجة المرضى بحسب طبيعة أبدانها واختلاف أحوالها مع مراعاة عوائد أربابها وملكاتهم ، وما طرأ عليهم من تجديد وتغيير .
+ أن يطبب مريضه مجاناً .
+ ألا يحابي من يطببه ، ولا يستحي منه .
وصية الكنيسة للكاهن بعد رسامته :
(( ... ويجب أن تتخذ لك قبل ذلك أباً أو شيخاً خبيراً بالمعالجة ، مشهوراً بالنجاح ، حتى يعلمك أن تضع الدواء والمرهم لما يلائم الوجع والجراح . كي لا تضع دواء العين على الرجل فلا ينتفع بذاك ، وتشدد على العضو الترابي المزمن فيصير هالكاً .
ولتسأل عن السن والعادة والموضوع والزمان والطبع والمكان والإمكان والمزاج والتحصن ، معتمداً في ذلك الرأفة على بنيك والتحنن . ولاطف كلاً مما ذكرناه بما يلائمه من الدواء حتى يعود العليل من مرضه إلى حالة الصحة والشفاء .
لتكن مركباً روحياً يحمل البركات إلى ميناء الخلاص . ومعلماً روحانياً نورانياً ترفع المتعلمين إلى درجات التكريس . لتستحق هذه الحالة الأجر المضاعف ، ويسبغ الرب عليك الخير السمائي المترادف ، بشفاعة والده الإله العذراء الطاهرة ، والشهداء ، والقديسين . آمين ))
وسوف نستمر في الموضوع ونأتي بقواعد وأصول الأبوة والاعتراف حسب التقليد الكنسي السليم ، أقبلوا مني كل تقدير بمحبة ، النعمة معكم
منقول